ترجمة أبي العلاء المعري
ولده
إسمه الكامل هو أحمد بن عبدالله بن سليمان بن محمد بن سليمان المعري التنوخي . من احد الشعراء والمؤلفين العربي الكبير كنيته أبو العلاء المعري ، هو عربي النسب من قبيلة تنوخ إحدى قبائل اليمن ، ولد في معرة النعمان في يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة للهجرة (973م) وكان أبوه عالما بارزا ، وجده قاضيا معروفا ، و جدر في الرابعة من عمره فكفت عينه اليسرى وابيضت اليمنى فعاش ضريرا لا يرى من الألوان إلا الحمرة
أخلاقه
كان المعري رغم عزلته ذا صلة حسنة بالناس. وكان مع فقره كريمًا ذا مروءة يعين طلاب الحاجات وينفق على من يقصده من الطلاب يهدي ويُهدى إليه، ويكرم زائريه.
ومن مروءته وكرمه أنه لم يقبل من تلميذه الخطيب التبريزي ذهبًا كان قد دفعه إليه ثمنًا لإقامته عنده, لم يرده إليه في حيته حتى لا يؤذي نفسه
وكان رقيق القلب رحيمًا عطوفًا على الضعفاء حتى شملت رقة قلبه الحيوان فلا يذبح ولا يروع بولده وبيضه
وكان وفيًا لأصدقائه وأهله. وتفيض رسائله إلى أهل بغداد والمعرة وإلى أخواله بهذا الوفاء. ومن أهم خصاله الحياء الذي يكلفه ضروبًا من المشقة والأذى، وكثيرًا ما كتب كتبًا ورسائل لأناس طلبوا منه ذلك، وكتب يستشفع لأناس عند الأمراء، وهو كاره لذلك ولكنه لفرط حيائه لا يستطيع لهم ردًا. وكان سيئ الظن بالناس يعتقد فيهم الشرور والأسواء ويمقت فيهم خصال الكذب والنفاق والرياء. ولقب نفسه برهين المحبسين
تربيته
تلقى على أبيه مبادئ علوم اللسان العربي ، ثم تتلمذ على بعض علماء بلدته ، وكان حاد الذكاء قوي الذاكرة ، يحفظ كل ما يسمع من مرة واحدة ، دقيق الوصف ، سليم الحافظة ، مولعاً بالبحث والتمحيص ، عميق التفكير
ثم ارتحل إلى حلب ليسمع اللغة والآداب من علمائها تلاميذ ابن خالويه. وكانت حلب في ذلك العصر إحدى حواضر العالم الإسلامي الكبرى وفي هذه المدينة شهر تبريز المعري وروايته للأدب والشعر
تلقى أبوالعلاء دروسًا عن يحيى بن مسعر ومن حلب توجه إلى أنطاكية، وكانت بها مكتبة عامرة تشتمل على نفائس من الكتب فحفظ منها ما شاء الله أن يحفظ، ثم سافر إلى طرابلس الشام ومر في طريقه باللاذقية، ويقال إنه درس النصرانية واليهودية جميعًا
ولما وصل أبو العلاء إلى طرابلس وجد بها مكتبة كبيرة درس منها ثم عاد إلى المعرة. تردد في طور لاحق في مكتبات بغداد ودور العلم بها.
كان استعداده للعلم عظيمًا وذكاؤه ملتهبًا. روى الثعالبي عن أبي الحسن المصيصي الشاعر قوله :
لقيت فى معرة النعمان عجبًا من العجب، رأيت أعمى اعرًا ظريفًا يلعب بالشطرنج والنرد
ويدخل في كل فن من الجد والهزل حتى سمعته يقول:
أنا أحمد الله على العمي، كما يحمده غيري على البصر، فقد صنع لي وأحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء البغضاء
أشار ابن العديم إلى قوة حفظ أبي العلاء برواية حكاية عن ابن منقذ ذكر فيها أنه يقرأ عليه الكراسة والكراستين مرة واحدة فيحفظهما، ولم يعلم له من شيوخ بعد سن العشرين، وذكر هو نفسه أنه لم يحتج إليهم بعدها فمن اللوازم انه شخص عجيب و خالف عن العادة
رحلته إلى بغداد
كان أبوالعلاء فقيرًا، وكان لايتكسب بشعره، وكان له ثروة ضئيلة لا تتجاوز ثلاثين دينارًا في السنة جعل نصفها لخادمه.
كانت أمه تمانع في سفره أول الأمر، ولكنه أقنعها فأذنت له، وأعد له خاله أبو طاهر سفينة انحدر بها إلى الفرات حتى بلغ القادسية
وهناك لقاه عمال السلطان فاغتصبوا سفينته واضطروه إلى أن يسلك طريقًا مخوفة إلى بغداد، وعند وصوله نظم قصيدة قدمها إلى أبي حامد الأسفراييني واصفًا سفره وجور عمال السلطان طالبًا مودة أبي حامد ومساعدته في رد سفينته.
ولا يذكر المؤرخون أسبابًا لرحلته تلك سوى أنها للسياحة وطلب العلم والحرص على الشهرة بمدينة السلام
سافر إلى بغداد ليست سهلة ، ابتداء من عام 378 هجرية زيادة في 399 سنة. سعادة السفر أي في غضون فترة 21 عاما.
وصوله الى بغداد ، يمكن سريعة مع مجتمعها التكيف مع بغداد. وذلك لأن المجد النسب. بغداد يعرف الناس انه لأبناء الشعب الأبي. ولكن متى سيتعلم في المجلس شريف مربضى ، وسعادة لصيحات استهجان ، وعليه سورة المعري اتهم المجلس الانتقادات الموجهة للنظام من هذا القبيل ، وهذا جعله يطرد من مجلس الشوري الاسلامي من هذا النوع.
وأخيرا ، عاد إلى وطنه. لان حزبها أخرى غير مدفوعة ، وسعادة يحصل على الأخبار من الصعب جدا أن والدته كانت مريضة. وتوفيت والدته عندما كانت تقوم به أسفاره. كان قلبه حزين بعد ذلك الحدث
عزلته
توفيت أمه وهو في الطريق من بغداد راجعًا، فرثاها بقصيدتين وكثير من النثر، وأضاف موتها إلى فواجعه ما ملأ نفسه ظلامًا وحبًا في العزلة التي اختارها
وظل يذكرها طوال عمره ولا يرى عزاء إلا في لحاقه بها حيث يؤنسه أن يدفن لى جوارها. فبعد عودته من بغداد قرر أن يعتزل الناس جميعًا وكان في طبعه فمنها الأحداث المؤلمة التي مرت به من فقد أبيه وأمه وما يلقى من أذى أحيانًا من عض الناس، ويجعل بعضهم من أسباب عزلته
أولهما: ذهاب بصره الذي جعله يجهل كثيرًا من آداب الناس في عاداتهم، وكان شديد الحياء عزيز النفس يكره أن يخطئ في ما ألف الناس فيكون موضع السخرية والاستهزاء أو الرحمة أو الشفقة.
وثانيهما فشله في الإقامة في بغداد حيث يلقى العلماء والفلاسفة، ومن ثم اضطراره إلى لزوم المعرة وهي خلو من العلماء، فكأن معاشرته للبغداديين قد بغضت إليه معاشرة الناس.
أشهر مؤلفاته
ألف أبو العلاء مصنفات جمة ضاع أكثرها ولم يصل إلينا منها إلا النزر اليسير. يقول القفطي والذهبي إن أكثر كتبه باد ولم يخرج من المعرة، وحرقها الصليبيون فيما حرقوا من المعرة، وأحصيا له من الكتب خمسة وخمسين كتابًا في أربعة آلاف كراسة، تشمل الشعر والنثر فقد ذكر له كتاب اسمه استغفر واستغفري فيه عشرة آلاف بيت ضاع مع ما ضاع.
ويذكر الرحالة الفارسي ناصر خسرو أن أبا العلاء نظم مائة ألف بيت من الشعر وذلك سنة 438هـ قبل موته بإحدى عشرة سنة.
وعد ياقوت من مصنفاته اثنين وسبعين مصنفًا. وبقي من شعره ثلاثة دواوين: سقط الزند، والغايات، ، واللزوميات .
ومن أشهر مؤلفاته :
1. رسالة الغفران التي أملاها ردًا على رسالة الأديب الحلبي علي بن منصور بن القارح، وكانت أكثر كتبه يؤلفها ردًا على طلب طالب وكان بعض الأمراء يسألونه أن يصنف لهم
2. لزوم ما يلوم
3. كتاب تضمين الرأي، وهو عظات وعبر وحث على تقوى الله يُختم كل فصل منها بآية
4. وتاج الحرة، وهو خاص بوعظ النساء ومقداره أربعمائة كراسة، كما يقول ابن العديم
5. سجع الحمائم، في العظة والحث على الزهد أيضًا؛ اللامع العزيزي، في تفسير شعر المتنبي
6. جامع الأوزان في العروض والقوافي
7. الصاهل والشاحج
8. ولسان الصاهل والشاحج والقائف
( وهذه الثلاثة ألفها للأمير عزيز الدولة شجاع بن فاتك والي حلب من قبل المصريين)
9. الفصول والغايات
10. شرف السيف
11. معجز أحمد، في شرح شعر المتنبي ذكرى حبيب في شعر أبي تمام
12. عبث الوليد في شرح شعر البحتري
13. رسالة الملائكة
وغيرها كثير لكن آخر ما أملى من الكتب كتابا المختصر الفتحي وعون الجُمل، ألفهما لابن كاتبه الشيخ أبي الحسن علي بن عبدالله بن أبي هاشم
وكان المعري شديد الاهتمام بكتبه وعلمه وأدبه يجمعها ويفسرها ويدافع عنها. شرح ديوانه سقط الزند بكتاب ضوء السقط، كما شرح اللزوميات بكتابين ودافع عنها بثالث. وشرح الفصول والغايات بكتابين، وشرح الرسائل بكتاب سماه خادم الرسائل. وهذا الجهد ـ فضلاً عن عنايته بها ـ يدل على غزارة علمه وثقته بنفسه، كما يدل على خوفه من التأويل والكذب عليه. وتدل أسماء كتبه على ذوق رفيع. نثر المعري بقي من نثره رسالة الغفران ورسالة الملائكة، وهي صغيرة، وأجزاء من الفصول والغايات وطائفة من الرسائل كان يوجهها إلى أصدقائه.
وألفه المعري تقربًا إلى الله وتمجيدًا وتسبيحًا له قال:
"علم ربنا ما عُلم.. أني ألفت الكلم، آمل رضاه المسلم وأتقي سخطه المؤلم"
وتطول الفصول وتقصر بلا ضابط معين، وتكون مستقلة أحيانًا ومرتبطة ببعضها أحيانًا أخرى. وكان الشائع المشهور أنه ألف هذه الفصول متأثرًا ببلاغة القرآن الذي هو المثل الأعلى للبلاغة والبيان، وما وجد أديب وشاعر إلا فتن بأسلوب القرآن.
وفاته
عمر أبو العلاء طويلاً وأصابته الشيخوخة بالوهن ووصفها بقوله:
"الآن علت السن، وضعف الجسم، وتقارب الخطو، وساء الخلق"
ولكنها إن أصابت جسمه فما أصابت عقله وصفاءه وقريحته وتوقدها وحافظته وقوتها، فما نسي شيئًا مما حصَّل. وفي اليوم العاشر من ربيع الأول سنة 449هـ اعتل أبو العلاء وعاده الطبيب المشهور أبو الحسن مختار بن بطلان، وكان ممن يتردد عليه للزيارة والسماع أثناء مقامه بديار الشام
وتوفي بعد ثلاثة أيام وأوصى أن يُكتب على قبره :
هذا جنـــــاه أبي عـــليَّ ** وما جنـيت عـلى أحــــد
ووقف على قبره أربعة وثمانون شاعرًا يرثونه، ومن أشهر ما قيل فيه رثاء تلميذه أبي الحسن علي بن همام:
إن كنت لم ترق الدماء زهادة ** فلقد أرقت اليوم من جفني دمًا